عندما دخلت إلى محطة الوقود القريبة من بيتنا كي أتزود بالوقود لسيارتي لم أكن قد سمعت بالحادث المؤسف الذي حدث لصاحبها, في الواقع أنني لم أكن معتادا على ارتياد هذه المحطة لعلمي السابق بكراهية صاحبها لي. ولولا انشغالي الشديد في هذا اليوم وحاجة سيارتي الشديدة للوقود لما دخلت هذه المحطة, فصاحبها شخص متعصب لإيمانه ولا يحب من هو مثلي واضعا في ذهنه أن صاحب الديانة الحقيقية هو من يردد الشهادتين و إيمان الرجل تتحدد بطول اللحية واللباس الأبيض أما أنا صاحب اللباس الأوربي والذقن الحليقة فعميل غربي لا أفقه في العبادة ولا علاقة لي بالله مطلقا، فأنا كافر بالنسبة له. لذلك كنت لا أسلم من لسانه السليط وسخريته اللازعة كلما جئت لأزود سيارتي بالوقود
ولكن اليوم كانت سيارتي تحتاج إلى الوقود بشده ولا مجال لأن لأن أقودها لأبعد من ذلك فدخلت المحطة وأنا أصلي إلى الله أن يعطيني روح الصبر والتسامح في تحمل دعاباته السخيفة. وعندما دخلت وجدت ابنته الشابة وهي تقف أمام الوقود تزود السيارات على غير العادة. وعندما نظرت إليها وجدت عيناها وقد تورمت من البكاء إلي حد فظيع مما استرعى انتباهي فبسرعة نزلت من سيارتي واتجهت إليها قائلا
- ماذا حدث يا بنيتي؟ أين والدك؟
- ألم تعلم بالحادث يا سيدي القس؟
- كلا, ماذا حدث؟
- لقد وقع بالأمس في مرجل القار المغلي, وأخرجناه إلى المستشفى في حالة يرثى لها. وهو بين الحياة و الموت .. وكل عائلتي لديه الآن ..
ثم صرخت باكية
- والدي يموت يا سيدي القس
نظرت إليها في شفقة وربت على كتفها قائلا
- هون عليك يا بنيتي , آن رحمة الله واسعة.. زوديني بالوقود سريعا و أعطيني عنوان المستشفى حتى أذهب إليه
- لا داعي يا سيدي , سيظن أنك شامتا فيه وسيمطرك بالكثير من السباب
- بسرعة يا بنيتي كي لا أتأخر.
… وخرجت من محطة الوقود وأنا ملئ بالمشاعر , ذلك الرجل السليط اللسان كانت آخر مرة تعاملت فيها معه كانت من خلال ابنتي الصغيرة, في الأسبوع الماضي , كانت الدنيا شتاء والبرد قاصي, والثلج قد ملأ المكان, ولم يكن بالبيت أي جاز كي يملأ المدفأة كي نستدفئ في تلك الليلة الشديدة البرودة. فألبست ابنتي الصغيرة الكثير من الثياب وأعطيتها قنينة جاز وأرسلتها إليه كي يمدني بالجاز الذي يدفئ ليلتي الباردة. وعندما ذهبت اليه أمطرها بوابل من الشتائم ورفض أن يعطيها الجاز رغم أن معها ثمنه وطردها قائلا
- دعي والدك الكافر يجعلك تستدفئن بصلاته
وعندما ولت راجعة تابع صراخه فيها قائلا
- أو ربما يميته الله في هذه الليلة فيستدفئ هو في نار جهنم. وقتها أعطيك أنا الذي يدفئكم أنتم
… لم أعرف السر وراء غلظة قلبه وسلاطة لسانه, لم أفهم .. كان الرجل صعب المراس جدا ولسانه سبب له في مشاجرات كثيرة. ووقع في أزمات كثيرة ولولا موقعه المتميز لفقد الكثير من زبائنه.
والآن ها هو قد وقع في الزيت المغلي , لم أفهم كيف رغم أن البنت شرحت لي ولكني لم أستطع أن أتخيل الموقف . ولكني عرفت أنه فقد جلده كله , ويعيش في ألم مبرح منذ الأمس. وفرصته في الحياة شبه معدومة.
***
وصلت الى المستشفى وبسرعة اتجهت الى قسم الحروق, كان الجو متوترا جدا, والعائلة كلها كانت متجمعة, بسرعة دخلت اليه وما أن رآني من بعيد حتى صرخ
- أخرج من هنا, هل جئت كي تتأكد من موتي يا عميل الشيطان.. ابتعد ..
وكان صوته عاليا فخرجت مسرعا حتى لا تكون هناك فضيحة داخل المستشفى ولكني ذهبت الى الطبيب وسألته عنه فقال لي
- لقد فقد الكثير من جسده , وحياته شبه منتهية, ولكنه الآن يحتاج إلى كثير من الدم خلال فترة قصيرة
- أستطيع أن أعطيه
- نحن نقوم ببذل مجهود بلا أمل, وهو كلما يعيش أكثر يتألم أكثر فلو تركناه..
قاطعته وقلت بسرعة
- تكون قد ارتكبت جريمة في حقه يا دكتور’, المحاولة هي أهم شئ وليفعل الله ما يراه مناسبا.
- لست أدري ماذا تفيده أن أزوده من عمره تلك الساعات القلائل, هو سيعيشها في ألم , لولا المسئولية لكنت قتلته رحمة به.
- أنت لا تنقص أو تزيد من عمر أي إنسان يا دكتور, هو الرب, ومن يدري, فقد يحتاج المرء إلى دقائق قليلة تغير مصيره كله يا سيدي الطبيب , وليس من حق أي إنسان أن ينقص ثانية واحدة من عمر إنسان آخر , في شريعة السماء هذا أسمه قتل.. هل ستأخذ مني الدماء
نظر إلى ساخرا وقال
- يبدوا أنك تحبه كثيرا, هل هو قريبك؟
- نعم.. هو قريبي
- ما صلة القرابة
- أنا سامري, وهو مجروح
- لم أفهم صلة القرابة
- في الكتب المقدس يحدثنا عن رجل كان ملقى على الأرض بين الموت والحياة ووجده سامريا, فأنقذه ولقبه المسيح أنه قريبه, رغم حالة العداء من جهة الجسد
- إذن , أنت عدوه من جهة الجسد
- هو يقول
- لكنك لن تنجح في إنقاذه
- من يدري؟
***
ولكن اليوم كانت سيارتي تحتاج إلى الوقود بشده ولا مجال لأن لأن أقودها لأبعد من ذلك فدخلت المحطة وأنا أصلي إلى الله أن يعطيني روح الصبر والتسامح في تحمل دعاباته السخيفة. وعندما دخلت وجدت ابنته الشابة وهي تقف أمام الوقود تزود السيارات على غير العادة. وعندما نظرت إليها وجدت عيناها وقد تورمت من البكاء إلي حد فظيع مما استرعى انتباهي فبسرعة نزلت من سيارتي واتجهت إليها قائلا
- ماذا حدث يا بنيتي؟ أين والدك؟
- ألم تعلم بالحادث يا سيدي القس؟
- كلا, ماذا حدث؟
- لقد وقع بالأمس في مرجل القار المغلي, وأخرجناه إلى المستشفى في حالة يرثى لها. وهو بين الحياة و الموت .. وكل عائلتي لديه الآن ..
ثم صرخت باكية
- والدي يموت يا سيدي القس
نظرت إليها في شفقة وربت على كتفها قائلا
- هون عليك يا بنيتي , آن رحمة الله واسعة.. زوديني بالوقود سريعا و أعطيني عنوان المستشفى حتى أذهب إليه
- لا داعي يا سيدي , سيظن أنك شامتا فيه وسيمطرك بالكثير من السباب
- بسرعة يا بنيتي كي لا أتأخر.
… وخرجت من محطة الوقود وأنا ملئ بالمشاعر , ذلك الرجل السليط اللسان كانت آخر مرة تعاملت فيها معه كانت من خلال ابنتي الصغيرة, في الأسبوع الماضي , كانت الدنيا شتاء والبرد قاصي, والثلج قد ملأ المكان, ولم يكن بالبيت أي جاز كي يملأ المدفأة كي نستدفئ في تلك الليلة الشديدة البرودة. فألبست ابنتي الصغيرة الكثير من الثياب وأعطيتها قنينة جاز وأرسلتها إليه كي يمدني بالجاز الذي يدفئ ليلتي الباردة. وعندما ذهبت اليه أمطرها بوابل من الشتائم ورفض أن يعطيها الجاز رغم أن معها ثمنه وطردها قائلا
- دعي والدك الكافر يجعلك تستدفئن بصلاته
وعندما ولت راجعة تابع صراخه فيها قائلا
- أو ربما يميته الله في هذه الليلة فيستدفئ هو في نار جهنم. وقتها أعطيك أنا الذي يدفئكم أنتم
… لم أعرف السر وراء غلظة قلبه وسلاطة لسانه, لم أفهم .. كان الرجل صعب المراس جدا ولسانه سبب له في مشاجرات كثيرة. ووقع في أزمات كثيرة ولولا موقعه المتميز لفقد الكثير من زبائنه.
والآن ها هو قد وقع في الزيت المغلي , لم أفهم كيف رغم أن البنت شرحت لي ولكني لم أستطع أن أتخيل الموقف . ولكني عرفت أنه فقد جلده كله , ويعيش في ألم مبرح منذ الأمس. وفرصته في الحياة شبه معدومة.
***
وصلت الى المستشفى وبسرعة اتجهت الى قسم الحروق, كان الجو متوترا جدا, والعائلة كلها كانت متجمعة, بسرعة دخلت اليه وما أن رآني من بعيد حتى صرخ
- أخرج من هنا, هل جئت كي تتأكد من موتي يا عميل الشيطان.. ابتعد ..
وكان صوته عاليا فخرجت مسرعا حتى لا تكون هناك فضيحة داخل المستشفى ولكني ذهبت الى الطبيب وسألته عنه فقال لي
- لقد فقد الكثير من جسده , وحياته شبه منتهية, ولكنه الآن يحتاج إلى كثير من الدم خلال فترة قصيرة
- أستطيع أن أعطيه
- نحن نقوم ببذل مجهود بلا أمل, وهو كلما يعيش أكثر يتألم أكثر فلو تركناه..
قاطعته وقلت بسرعة
- تكون قد ارتكبت جريمة في حقه يا دكتور’, المحاولة هي أهم شئ وليفعل الله ما يراه مناسبا.
- لست أدري ماذا تفيده أن أزوده من عمره تلك الساعات القلائل, هو سيعيشها في ألم , لولا المسئولية لكنت قتلته رحمة به.
- أنت لا تنقص أو تزيد من عمر أي إنسان يا دكتور, هو الرب, ومن يدري, فقد يحتاج المرء إلى دقائق قليلة تغير مصيره كله يا سيدي الطبيب , وليس من حق أي إنسان أن ينقص ثانية واحدة من عمر إنسان آخر , في شريعة السماء هذا أسمه قتل.. هل ستأخذ مني الدماء
نظر إلى ساخرا وقال
- يبدوا أنك تحبه كثيرا, هل هو قريبك؟
- نعم.. هو قريبي
- ما صلة القرابة
- أنا سامري, وهو مجروح
- لم أفهم صلة القرابة
- في الكتب المقدس يحدثنا عن رجل كان ملقى على الأرض بين الموت والحياة ووجده سامريا, فأنقذه ولقبه المسيح أنه قريبه, رغم حالة العداء من جهة الجسد
- إذن , أنت عدوه من جهة الجسد
- هو يقول
- لكنك لن تنجح في إنقاذه
- من يدري؟
***